29 - 06 - 2024

رؤية خاصة | وللسياسة تقلباتها في سوريا

رؤية خاصة | وللسياسة تقلباتها في سوريا

(أرشيف المشهد)

  • 25-8-2015 | 22:31

نعم ثمة نقاط تحول في الأزمة السورية تتشكل وتشكل ملامح جديدة لهذه المأساة التي تنهي عامها الخامس قريباً.

بات واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن الإنهاك قد نال من كل الأطراف وفي مقدمتهم النظام السوري. إنهاك سياسي واستنزاف عسكري بفعل طول أمد الأزمة واتساع ساحة الاقتتال بطول سوريا وعرضها.  ويؤثر هذا الإنهاك بشدة على مجريات الأمور على الأرض ويقتنص من الحيز الجغرافي الذي يسيطر عليه النظام حتى تضاءلت المساحة التي يحكم قبضته عليها الى ما دون الأربعين بالمئة من الدولة بل اقل بحسب العديد من التقارير.

النظام السوري إذن لا يعيش أفضل حالاته المادية ولا المعنوية وقد ظهر ذلك جلياً في آخر خطاب للرئيس السوري بشار الأسد حين تحدث بوضوح تام عن مجريات الأوضاع على الأرض واضطراره وقيادات الجيش لاتخاذ قرارات أليمة مثل الانسحاب من مواقع وبلدات لحماية مواقع أخرى أكثر أهمية بسبب النقص الملحوظ في أعداد المقاتلين فضلاً عن أسباب أخرى وملامح أخرى للأزمة. ولم يكن حديث الانسحابات المرحلية هذا إلا مقدمة لحديث أخطر شأناً عن الاستعداد لقبول خيارات مذهلة مثل تقليص حدود السيطرة  إلى كتلة تضم دمشق والساحل وبعض المحافظات؛ خيار أعادت إيران الحليف الأكبر لسوريا طرحه بعد الخطاب بأيام قليلة في إطار رؤيتها لحل سلمي للأزمة يبقي على الأسد لكنه يعلن رسمياً تقسيم سوريا!

في الأثناء تحدث تطورات وتعلن مواقف لأطراف لصيقة الصلة بالأزمة السورية تعبر عن تغيرات عميقة في توجهات أصحابها.   يستوقف النظر من هذه التطورات ضربات الطيران التي قصف بها الجيش الاسرائيلي الأراضي السورية التي قيل إنها  رد على سقوط أربعة صواريخ سورية على اسرائيل. نعلم جميعاً أن سوريا حين كانت بكامل عافيتها السياسية والعسكرية ما كانت لتقدم على تصرف من هذا النوع بل كثيراً ما امتصت اعتداءات إسرائيلية مستفزة ومروتها دون رد. فهل تقدم على   فعل كهذا الآن وهل تنقصها جبهة جديدة للقتال؟ تقول اسرائيل انها تعلم العقل المدبر لهذا الهجوم الصاروخي ( لم يوقع أي ضحايا أو أضرار) وألصقه بإيران بدعوى رغبتها في جر الدولة العبرية إلى الفوضى السورية. لا نعلم إن كان ذلك صحيحاً ولكن المؤكد أن الجيش الإسرائيلي أجرى محاكاة عسكرية لاجتياح بري لسوريا في توقيت معاصر.. فكيف نقرأ كلا الواقعتين؟

على صعيد القوى الأكبر يفاجئنا موقف أمريكي يوكل التصرف في الأزمة السورية لكل من روسيا وإيران ويناى بواشنطن عن التدخل لأنها" لا مصالح لها في سورية"!!!

أين كان هذا الموقف منذ خمس سنوات وقبل انهيار سوريا وتدميرها وتشريد ملايين من ابنائها؟ الم يتم كل ذلك بإيعاز أمريكي  أم أن المهمة أنجزت كما تم التخطيط لها فيما تركت اللمسات الأخيرة والتكييف السياسي للبلدين؟

أم أنه اتفاق جانبي في إطار تفاهمات الاتفاق النووي الأشمل الذي توصلت إليه واشنطن وطهران مؤخراً؟

أياً كان الإطار فالمحصلة أن كلاً من روسيا وإيران ترعيان الآن حل الأزمة السورية وكلاهما حليف للأسد وقد قطعا خطوة هامة بالسعي لتأسيس تحالف يضم إيران وتركيا والسعودية والنظام السوري لمواجهة تنظيم داعش . هل يتأسس بالفعل تحالف يضم السعودية وتركيا مع النظام السوري الذي واجهتاه بعداء شديد في الأعوام الماضية؟ ربما..  فللسياسة تقلباتها ومناوراتها التي لا تمضي أبداً في خطوط مستقيمة. وربما يفسر ذلك ظهور وليد المعلم وزير الخارجية السوري على واجهة الصحافة المصرية في أول سابقة منذ اندلاع الأزمة،  ثم تصريح الخارجية المصرية على الفور بامكانية التعاون مع نظام الأسد لوجود أهداف مشتركة. يمكن القول باطمئنان إن هذا التعاون موجود بالفعل- أيا كان نطاقه- فقد كانت  سوريا وستظل جزءاً من الأمن القومي المصري  الذي لا يمكن تغافل التهديدات المحيطة به في ظل مناورات هذه الجوقة من اللاعبين على الساحة السورية المثخنة بالجراح. وإذا كان جميع الأطراف يسمحون لأنفسهم بالتعامل مع نظام الأسد حماية لمصالحهم  فلما لا تفعل مصر؟

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان